فقر الدم من المشكلات الصحية الشائعة خاصة لدى النساء ويرتبط غالباً بسبب فقدان الدم مع الحيض أو سواء التغذية. ولكن مسببات فقر الدم عديدة ومن المهم جداً تحديد السبب بدقة حتى تتم معالجته بالشكل المناسب وتجنب حدوث المضاعفات، وفي هذا المقال سنتطرق لأهم أسباب فقر الدم ونوضح مميزات كل نوع منها.
ما هو فقر الدم؟
التعريف
فقر الدم هي حالة مرضية ناتجة عن نقص في عدد خلايا الدم وتحديداً كريات الدم الحمراء. وهي الخلايا المسؤولة عن نقل الأكسجين في الدم، وبالتالي فإن حدوث نقص في مستواها يؤثر على فعالية الجسم في نقل الأكسجين.
يتم تشخيص فقر الدم اعتماداً على الفحوصات المخبرية، حيث يتم التشخيص إما اعتماداً على نتيجة الهيموغلوبين Hb أو على نتيجة الهيماتوكريت Hct.
- فحص الهيماتوكريت HCT: هو فحص يقيس النسبة ما بين كمية كريات الدم الحمراء مقارنة كمية الدم الكلي. وبالتالي يمكن اعتباره بأنه مؤشر لكثافة الدم.
- فحص الهيموغلوبين Hb: وهو مكون رئيسي في خلايا الدم الحمراء وهو ما يعطي خلايا الدم الحمراء لونها الأحمر. فيمكن اعتباره مؤشر لدرجة احمرار الدم.
الفحص الأكثر استخداماً هو فحص الهيموغلوبين، فعندما يكون مستوى الهيموغلوبين منخفضاً، فإنه مؤشر يعكس انخفاض كمية كريات الدم الحمراء. يشخص فقر الدم عندما يكون مستوى الهيموغلوبين أقل من 13.5 غم/ديسيلتر للذكور وأقل من 11.5 غم/ديسيلتر للإناث.
ما هي أعراض فقر الدم؟
يصاب الشخص بفقر الدم ولكن عادة من دون الشعور بأي أعراض، خاصة في الحالات الخفيفة. ولكن تظهر الأعراض عادة في الحالات فقر الدم المتوسط إلى الشديد.
فيبدأ التشخيص بملاحظة شحوب الوجه من قبل المريض أو أحد أفراد عائلته. ويكون عادة هناك أعراض مصاحبة كالإرهاق والتعب الجسمي، ضيق التنفسي بعد بذل مجهود، والشعور بالدوخة خاصة عند الوقوف، وتسارع القلب. وبعض الحالات يمكن أن يشتكي المريض من ألم بالصدر، خاصة للمرضى الكبار المصابين بالقلب.
لمعرفة المزيد عن: أعراض فقر الدم
ما أنواع لفقر الدم؟
من الممكن تقسيم فقر الدم لعدة أنواع حسب معايير معينة، فمثلاً قد يكون فقر الدم حاداً يحدث لفترة زمنية معينة ويتعافى المريض منه كليّاً بعد العلاج أو قد يكون مزمناً مما يستدعي علاجاً مطولاً ومراقبة مستمرة للمريض وحالته.
ويمكن أيضاً تصنيف فقر الدم حسب حجم كريات الدم الحمراء، أذ إن حجم خلية الدم خلال وجود فقر الدم، يمكن أن يدل على نوع فقر الدم والمسبب. فمثلاً حالات صغر حجم كريات الدم تؤشر إلى إما وجود نقص بالحديد أو مرض الثلاسيميا أو مشكلة تسمم بالرصاص.
ما أسباب فقر الدم؟
لفقر الدم أسباب عديدة تؤدي إلى نقصان في عدد كريات الدم السليمة أو زيادة في تكسيرها أو حتى إنتاج كريات دم غير طبيعية ونذكر منها ما يلي:
-
مشكلة في إنتاج كريات الدم
– نقص فيتامينات التي تستخدم في صناعة كريات الدم (كالفوليك أسيد أو ب ١٢).
– نقص المعادن التي تستخدم في صناعة كريات الدم (كالحديد).
– أسباب فسيولوجية كالحمل الذي يحدث فيه ازدياد في احتياجات الجسم للحديد.
– مشكلة تصيب نخاع العظام (إما نتيجة فيروس أو دواء يؤثر على نخاع العظم أو ممكن بسبب مرض يصيب نخاع العظم)
– الإصابة بأمراض مزمنة، مثل مرض الكلى الذي يضعف فيه إفراز الهرمون المحفز لإنتاج كريات الدم.
-
فقدان كريات الدم الحمراء
– النزيف (لأي سبب من الأسباب).
– تكسر خلايا الدم الحمراء.
فقر الدم بسبب نقص الحديد
يدخل الحديد في تصنيع الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء، ونحصل عليه غالباً من المصادر الغذائية الغنية به كاللحوم والخضار الورقية الغامقة. ويتسبب نقص الحديد بفقر الدم المعروف بـ عوز الحديد iron-deficiency anemia وتكون فيه كريات الدم الحمراء صغيرة الحجم.
إن فقر الدم بعوز الحديد من أشهر أنواع فقر الدم، وهو شائع في الأطفال والنساء، حدوثه للأطفال بسبب النمو السريع وقلة تغذية الجسم بكمية الحديد الكافية لمواكبة النمو. أما بالنسبة لحدوثه لدى النساء هو نتيجة فقدان الدم بسبب غزارة الطمث.
بالمقابل إن نقص الحديد لدى الرجال هو أمر غير شائع، وحدوثه يؤشر لوجود نزيف داخلي وبطيء. ويجب عادة إجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن مصدر النزيف والتأكد من عدم وجود مرض مسبب. وغالباً ما يتم إجراء فحص التنظير للجهاز الهضمي، لتشخيص مسبب النزيف.
ما الأسباب نقص الحديد الفسيولوجية (غير مرضية)؟
تزداد حاجة الجسم في بعض الحالات للتزود بالأكسجين والغذاء كما يحدث في الحمل أو في مراحل البلوغ لدى الأطفال، ويستجيب الجسم لهذه الزيادة بتصنيع مزيد من خلايا الدم الحمراء، لرفد الخلايا بتروية دموية تزودها بالمواد التي تحتاجها، ولكن قد لا يستطيع الجسم تصنيع ما يكفي من كريات الدم الحمراء، وقد يكون السبب وراء ذلك عدم تناول ما يكفي من الحديد اللازم لتصنيع كريات الدم الحمراء في حالات النمو.
أما بالنسبة للحمل، يزداد استهلاك الحديد من قبل الجنين خلال الحمل، مما يعرض الأم لنقص الحديد وفقر الدم، بالإضافة إلى تعرض الأم إلى مشاكل نزيف خلال فترة الولادة، وتكون أيضاً مسبب إضافي لفقر الدم.
لمعرفة المزيد عن: فقر الدم خلال الحمل
لماذا الأطفال الرضع عرضة لنقص الحديد؟
الأطفال الرضع ينمون سريعاً مما يعني حاجتهم لكميات حديد كبيرة، وقد يحدث نقص الحديد لدى الرضع إذا ما كانوا يتناولون حليب البقر بشكل أساسي، وذلك لاحتوائه على كمية أقل من الحديد، فضلاً عن صعوبة امتصاص الحديد المتواجد فيه، واعتماد حليب البقر في تغذية الرضيع دون عمر السنة قد يسبب فقر الدم، لذلك يجب استبدال حليب البقر بالحليب المخصص للرضع والمدعم بالحديد في حال تعذرت الرضاعة الطبيعية.
ما علاقة التغذية بنقص الحديد وفقر الدم؟
إن لبعض العادات الغذائية الخاطئة دور في التقليل من امتصاص الحديد وزيادة احتمالية الإصابة بفقر الدم، ومنها:
– وذلك بسبب تناول حمية غذائية قليلة بالحديد (كاللحوم والخضروات).
– شرب الشاي مع الطعام أو بعده مباشرةً، وذلك لاحتواء الشاي والخبز على مواد ترتبط مع الحديد وتمنع امتصاصه.
– الإصابة بعدوى: سواء نتيجة بكتيريا الجرثومة الحلزونية أو عدوى بالديدان الجهاز الهضمي، التي يمكن أن تسبب فقدان للدم ونزيف داخلي.
لمعرفة المزيد عن: حمية غنية بالحديد
فقر الدم الناجم عن نقص الفيتامينات:
للفيتامينات دور مهم في تصنيع خلايا الدم أيضاً، ولعل أهمها هو فيتامين ب12 (B12) وحمض الفوليك، وقد يتسبب نقص فيتامين ب12 بنوع خاص من فقر الدم تكون فيه الكريات كبيرة الحجم Macrocytic anemia، بحيث يتم تصنيع كريات دم ولكن لا يكون الكريات طبيعية، بل يكون حجمها متضخم بشكل غير طبيعي.
نقص فيتامين ب ١٢ هو ليس بالأمر الشائع للذين يتناولون طعام بشكل طبيعي ومن غير اتباع حمية عن أصناف معينة بالطعام. بالمقابل، نقص فيتامين ب ١٢ هي مشكلة شائعة للنباتيين الذين لا يتناولون اللحوم على الإطلاق. لدى الأشخاص مخزون عالي من فيتامين ب ١٢، يمنع حدوث نقص الفيتامين بسهولة، لذلك نقس ب ١٢ يحدث فقط بعد الامتناع عن هذا الفيتامين لسنوات طويلة قبل أن يتأثر الجسم بنقص مستواه.
أما بالنسبة للفوليك أسيد، فهو فيتامين يوجد في العديد من الأطعمة الطبيعية (الخضروات والفواكه)، ونقص التغذية بهذه المواد لا يحصل عادة إلا لكبار السن أو المرضى الذين يعانون من مشاكل شديدة في سوء التغذية.
لمعرفة المزيد عن: فحص ب ١٢ أو فحص الفوليك أسيد
فقر الدم بسبب مرض مزمن
إن عملية تصنيع كريات الدم الحمراء عملية معقدة تخضع لتنظيم هرموني دقيق، إذ تعمل عدة هرمونات على تحفيز تصنيع الخلايا في نخاع العظم عند الحاجة ومنها هرمون الإيرثروبيوتين الذي تنتجه الكلى، وهذا يعني أن الإصابة بمرض الكلى المزمن قد يؤدي لفقر الدم بسبب تناقص إنتاج هرمون الإيرثروبيوتين.
ويمكن لأمراض أخرى التسبب بفقر الدم وذلك لتأثيرها على عملية تصنيع الدم، وليس كل مرض مزمن يسبب فقراً بالدم ولكن والأمراض المزمنة المصحوبة بالتهاب مزمن في الجسم، من هذه الأمراض التهاب الروماتيزم وبعض السرطانات.
لمعرفة المزيد عن: مرض الكلى المزمن
نخاع العظم وفقر الدم:
يتم تصنيع خلايا الدم في نخاع العظام، وحدوث أي خلل في النخاع أو في الخلايا الجذعية فيه يعني حدوث خلل في مكونات الدم، وقد يتوقف نخاع العظم عن تصنيع كريات الدم الحمراء وأنواع أخرى من خلايا الدم، يختلف هذا النوع من فقر الدم (نقص كريات الدم الحمراء) عن الأنواع الأخرى بأنه يكون مصحوباً مع نقص في كريات الدم البيضاء أو الصفائح الدموية. وتتطلب هذه الحالات المتابعة مع اختصاصي أمراض الدم والأورام.
ولفشل نخاع العظم مسببات عديدة منها أسباب خلقية كما يحدث في نوع من فقر الدم يُعرف بفقر دم فانكوني fanconi anemia وهو حالة نادرة، أو قد يفشل النخاع بسبب الإصابة بعدوى فيروسية كما في التهاب الكبد الوبائي B، أو تضرر النخاع بفعل التعرض المزمن للإشعاع والمواد الكيميائية كالبنزين أو الأدوية مثل أدوية السرطان. إضافة إلى إن حدوث سرطانات الدم التي تنمو داخل نخاع العظم تعيق من عمل نخاع العظم وتسبب هذا النوع من فقر الدم. وأخيراً، يمكن أن يحدث فشل نخاع العظم من غير سبب واضح ويطلق عليه اسم فقر الدم اللامصنع aplastic anemia.
لمعرفة المزيد عن: أعراض سرطان الدم
فقر الدم الناجم عن النزيف:
إنّ فقدان الدم بسبب النزيف قد يؤدي لحدوث فقر في الدم وقد يحصل ذلك نتيجة حدوث النزيف سريع كحالات التعرض لإصابات حوادث أو بسبب إجراء جراحي. أو يمكن بسبب النزيف البطيء بفعل مشكلات معينة كقرحة المعدة أو سرطان القولون الذي يسبب نزيف بكميات قليلة تصعب ملاحظتها.
فقر الدم بسبب تكسر كريات الدم
إن لكريات الدم الحمراء الطبيعية عمراً محدداً يقارب 120 يوماً، يقوم الطحال بعدها بتحليلها ليعاد استعمال مكوناتها في تصنيع خلايا جديدة، لكن في بعض الحالات تتكسر الكريات الحمراء قبل أوانها وذلك لأسباب وراثية أو مكتسبة مؤدية لفقر الدم الانحلالي hemolytic anemia.
وقد تكون الزيادة في تكسير كريات الدم ناجمة عن كون هذه الخلايا غير طبيعية، كما يحدث في بعض الحالات الوراثية، أو قد تكون الخلايا طبيعية لكن تتكسر بشكل أكبر نتيجةً لعوامل مكتسبة ومن أسباب زيادة تكسر الكريات الحمراء ما يلي:
-
عوامل وراثية:
– حدوث خلل وراثي جيني يؤثر على بنية جدار الكريات الحمراء كما في فقر الدم المنجلي sickle cell anemia
– حدوث خلل وراثي جيني يؤثر على تصنيع الهيموغلوبين كما يحدث في مرض التالاسيميا thalassemia
– وجود خلل جيني يؤدي لنقص أو اختلال في عمل إنزيمات معينة كما يحدث في مرض التفول ونقص إنزيم سداسي فوسفات الجلوكوز النازع للهيدروجين G6PD deficiency -
عوامل مكتسبة:
– أمراض المناعة الذاتية، التي تؤدي إلى مهاجمة جهاز المناعة لكريات الدم.
– رفض الجسم المستقبل للدم في حالات التبرع.
– فرط نشاط الطحال.
– أمراض الكبد أو تليف الكبد.
– بعض أنواع العدوى شديدة مثل الإصابة بالملاريا.
– بعض الأدوية، مثل أدوية السلفا وغيرها.
– أمراض صمامات القلب.
النقاط المستفادة:
- فقر الدم من الحالات الشائعة وينتشر لدى الأطفال والنساء أكثر من الرجال خصوصاً في مراحل النمو والحمل أو في حالات غزارة الطمث لدى السيدات.
- لفقر الدم أنواع عديدة تعتمد على المسبب ومنها ما يرتبط بتناقص الكريات الحمراء أو زيادة تحطمها.
- يسبب فقر الدم التعب والإرهاق وشحوب في لون الجلد وضيق التنفس، ولكن غالباً ما يتم الكشف عنها بالفحص المخبري لقوة الدم.
- يُعتبر نقص الحديد من أهم مسببات فقر الدم وهو الأكثر شيوعاً في الوطن العربي.
مقالات ذات صلة: