الحديد من المعادن الهامة التي تحتاجها أجسامنا، فهو يدخل في تركيب خلايا الدم الحمراء وله وظائف عديدة أخرى، ولكن مع الأسف تعتبر مشكلة نقص الحديد مشكلة صحية شائعة جداً، وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد هو أكثر أنواع فقر الدم انتشاراً في العالم، وتحدث عندما يتناقص مخزون الحديد في الجسم مع عدم تعويضه بالتغذية، فما الذي يسبب نقص الحديد؟ وما هي الأعراض المصاحبة لذلك؟ الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها تجدونها في هذا المقال.
ما هو الحديد وما هي أهميته للجسم؟
إن الحديد من المعادن المهمة المتوافرة في الغذاء، وهو مهم جداً لأنه يدخل في تصنيع كريات الدم الحمراء، إضافةً لكونه مهماً لصحة العضلات والجهاز العصبي، ويعمل كعامل مساعد للعديد من الأنزيمات والبروتينات الهامة في الجسم ومنها تلك المسؤولة عن إنتاج واستهلاك الطاقة، وله دور مهم أيضاً في عمليات التأكسد في الجسم وعمليات الجهاز المناعي.
من أين نحصل على الحديد؟
المصدر الرئيسي للحديد في الجسم هو الغذاء، وإن التغذية بالحديد هي ضرورية لتعويض المفقود منه، خاصة لدى السيدات كما سنتطرق لأسباب ذلك لاحقاً.
الأطعمة المحتوية على الحديد تأتي من مصادر مختلفة منها حيوانية والآخر نباتية. مصادر حيوانية خاصة اللحوم الحمراء الصافية ولحم الكبد والمأكولات البحرية والدواجن وبشكل أقل في البيض. أما بالنسبة للمصادر النباتية فيمكن الحصول على الحديد من الخضار الداكنة والبقوليات المجففة والمكسرات ولكن نوع الحديد فيها مختلفة عن المصادر الحيوانية، وهو النوع الذي يصعب امتصاصه في الجسم.
ويقوم الجسم بتخزين الحديد خصوصاً في نخاع العظم والكبد، ويتم تخزينه على شكل مركب بروتيني يعرف بالفيرتين Ferritin.
ما هي الاحتياجات اليومية للحديد؟
يوضح الجدول التالي الاحتياجات اليومية للحديد في فئات مختلفة:
- الأطفال الصغار والرضع: ٧-١١ ملغ/ اليوم
- المراهقين (١٤-١٨): ٨-١٥ ملغ/ اليوم
- البالغين: ٨-١٨ ملغ/ اليوم
- السيدات الحوامل: ٢٧ ملغ/ اليوم
- المرضعات: ٩-١٠ ملغ/ اليوم
ومن الجدير بالذكر أن الشخص يفقد ما يقارب 0.5-3ملغم من الحديد يومياً نتيجة النمو وعمليات الإخراج وبعض العمليات الحيوية الأخرى في الأنسجة. ويعتبر فقدان السيدات للحديد هو أكبر من الرجال، وذلك لفقدان السيدات لكريات الدم (المحتوية على الحديد) خلال عملية الطمث.
ما هو نقص الحديد؟ وما درجاته؟
يمكن تقسيم نقص الحديد لدرجات وفق مقدار التناقص في مخزونه في الجسم وظهور الأعراض، وتتراوح درجات نقص الحديد:
– نقص مخزون الحديد: انخفاض في مخزون الحديد دون حدوث أعراض ودون حدوث فقر الدم.
– نقص الحديد وفقر الدم: وهي حالة نقص حديد أكثر شدة، حيث أنه تم استنزاف مخزون الحديد وأصبح هناك فقر دم، بحيثن أن الجسم الجسم بأن ضعفت قدرته على تصنيع كريات الدم الحمراء.
أسباب نقص الحديد في الجسم
لنقص الحديد مسببات عديدة ويمكن تقسيمها بشكل عام لمسببات متعلقة بفقدان الحديد أو استهلاكه، أو مسببات متعلقة بسوء سوء التغذية، أو مشكلات مرتبطة بعمليات استخلاص الحديد الموجود في الجسم ونذكر منها ما يلي:
- النزيف المزمن وفقدان الدم، وهي من أكثر الأسباب شيوعاً كما يحدث في حالات غزارة الطمث أو النزف المزمن بسبب القرحة الهضمية.
- سوء التغذية، وعدم تناول كميات كافية من الحديد في النظام الغذائي للشخص.
- سوء امتصاص الحديد، وقد يحصل ذلك في حال إصابة الشخص ببعض أمراض الجهاز الهضمي التي تسبب سوء امتصاص المغذيات.
- الإفراط في تناول الشاي، وغيرها من المشروبات أو الأطعمة التي تقلل امتصاص الحديد.
- تناول بعض الأدوية مثل مضادات الحموضة وأدوية السرطان، التي تؤثر على امتصاص الحديد.
- حدوث الالتهابات مزمنة تسبب نزيف معوي، ومنها عدوى البكتيريا الحلزونية أو الديدان.
- التسمم بالرصاص، الذي يؤثر على استخلاص الحديد في الجسم والاستفادة منه.
- الحمل أو الرضاعة، وهي حالات فسيولوجية غير مرضية، تزداد فيها كميات الحديد التي يحتاجها الجسم.
سنتطرق لتفاصيل عن: فقر الدم خلال الحمل
هل هناك أشخاص أكثر عرضة لحدوث نقص الحديد؟
يُعتبر البعض أكثر عرضة من غيرهم لحدوث نقص الحديد، إذ تعتبر النساء أكثر عرضة من الرجال خصوصاً في حالات الحمل والإرضاع، وخلال سن البلوغ وفي حالات غزارة الطمث تُفقد كمية من الحديد بشكل مزمن مع الحيض وقد يحدث نقص إذا لم يتم تعويضها.
الأطفال والمراهقين أيضاً عرضة لحدوث نقص حديد وذلك بسبب مرورهم بفترة نمو تحتاج فيها أجسادهم لاستهلاك الحديد بشكل أكبر لذلك يجب التأكد من تناولهم لنظام غذائي صحي غني بالحديد ومراقبة نموهم.
أعراض وعلامات نقص الحديد
تختلف أعراض نقص الحديد من شخص لأخر بشدتها وحدوثها وفق الحالة، وقد لا تظهر أي أعراض في مراحل نقص مخزون الحديد، ولكن تظهر الأعراض عادة بعد حدوث فقراً بالدم ومن هذه الأعراض ما يلي:
- التعب والإرهاق.
- كثرة النوم.
- ضيق بالتنفس.
- خفقان في القلب.
- الدوخة.
- شحوب الوجه.
- تساقط الشعر ومشكلات في الأظافر فقد تظهر الأظافر بشكل يشبه الملعقة.
- الصداع والدوار.
- مشكلات في التركيز والتذكر.
- مشكلات في النمو (لدى الأطفال).
- التهاب في اللسان.
- تشققات حول الفم.
- في بعض الحالات النادرة قد يشعر المريض برغبة في تناول أشياء غريبة كالرغبة بتناول الطين أو الثلج وتعرف الحالة بشهوة الغرائب pica
- قد يعاني الشخص أيضاً من متلازمة تململ الساقين وهي عبارة عن متلازمة ناجمة عن اضطراب في الجهاز العصبي مما يسبب شعوراً بعدم الارتياح في القدمين غالباً ويدفع لتحركيهما ويحصل غالباً في وقت الراحة أو النوم.
ما هي الفحوصات التي تكشف عن نقص الحديد؟
غالباً ما يتأخر اكتشاف حدوث نقص الحديد لحين تطور الحالة لفقر الدم، ويُعزى ذلك لعدم وجود أعراض شديدة في بداية الأمر أو تجاهل المريض لهذه الأعراض كونها شائعة، ومع ذلك تتوافر العديد من الفحوصات المخبرية التي تستعمل لتحديد مستوى ومخزون الحديد في الجسم، بحيث تتراوح كمية الحديد الطبيعية في الجسم ما بين 60-170 ميكروغرام/ديسيلتر ومن الفحوصات ما يلي:
- فحص فيرتين serum ferritin:
يعتبر قياس فيرتين من الفحوصات الهامة للاستقصاء عن مخزون الحديد في الجسم ونقصه، في حال كون نتيجة قياس الفيرتين في الدم أقل من 30 ميكروغرام/لتر فهذا يعني بأن الشخص يعاني من نقص الحديد، ولكن يجب الذكر بأن فحص الفيرتين هو فحص يتأثر بعدة عوامل غير متعلقة بالحديد، ووخاصة الالتهابات أو الأمراض مزمنة لإن ذلك قد يؤثر على نتيجة الفحص.
- فحص حديد المصل serum iron:
يمكن قياس الحديد الموجود الدم، ويتم إجرائه عادة بالإضافة إلى فحص بروتين الحامل بالحديد TIBC – Transferrin، ويجب أن يتم إجراء كلا الفحصين لتقييم مستوى الحديد بشكل دقيق وحساب نسبة تشبع الدم بالحديد.
- فحص سعة ارتباط الحديد الكلية Total Iron Binding Capacity (TIBC):
يمكن للحديد أن يرتبط ببروتينات أخرى غير الترانسفيرين في الدم، ويعكس هذا الفحص ذلك، وترتفع قيمة هذا الفحص في نقص الحديد.
- تشبع الترانسفيرين transferrin saturation:
يتم نقل الحديد في مجرى الدم بمساعدة بروتين ناقل يعرف بالترانسفيرين، وتعتبر نسبة تشبع الترانسفيرين بالحديد بنسبة أقل من 20% مؤشراً على وجود نقص في الحديد.
بعض هذه الفحوصات قد تتأثر بالأدوية أو الأمراض، وقد لا تتغير القيم الطبيعية لبعضها مباشرةً عند حدوث نقص في الحديد، لذلك من المهم جداً استشارة طبيب لمساعدتك في فهم حالتك وتشخيصها بشكل صحيح.
علاج نقص الحديد
يمكن استعادة مخزون الحديد في الجسم وإعادة كمية الحديد لوضعها الطبيعي من خلال تعويض المفقود من الحديد بتناول أدوية المحتوية على الحديد. ومن المهم أيضاً معالجة الأسباب المرضية لنقص الحديد في حال وجودها كأمراض الجهاز الهضمي مثلاً ليتسنى حل المشكلة بشكل جذري والكشف عن المسببات الحقيقة لها.
أما تناول حمية غذائية غنية بالحديد فهي لا تستخدم في علاج نقص الحديد ولكن لها دور مهم في الوقاية من مشاكل نقص الحديد. سنوضح لك الأسباب في البند التالي.
العلاج الغذائي لنقص الحديد هل هو كافٍ؟
بشكل عام، لا تعتبر الحمية الغذائية كافية لعلاج نقص الحديد، وذلك بسب حاجة الجسم لكميات عالية من الحديد، وهي يتم تزويدها عن طريق الأدوية بفعالية أكبر.
دور الحمية يأتي بمنع حدوث نقص الحديد في المستقبل، وذلك لتعويض ما يفقده الجسم من حديد، فدوره وقائي بشكل رئيسي. الفكرة العامة هي بالتركيز على الأطعمة الغنية بالحديد (خاصة اللحوم)، وتجنب الأطعمة التي تعيق من امتصاص الحديد (كالشاي).
سنتطرق لتفاصيل الأطعمة في المحتوية على الحديد في مقال آخر: حمية غنية بالحديد
ما هي العلاجات الدوائية المتوافرة لنقص الحديد؟
العلاج الرئيسي لنقص الحديد هو بإعطاء حبوب دوائية محتوية على الحديد، وفيما يلي توضيح للعلاجات الدوائية:
مكملات الحديد الفموية:
- وهو يشكل العلاج الرئيسي والأساسي لنقص الحديد، فيمتاز بفاعلية عالية واستجابة ممتازة.
- تتوافر العديد من الأشكال الصيدلانية لمكملات الحديد فمنها الشراب وهو مناسب للأطفال أو الأشخاص الذين لديهم صعوبة في البلع، ويوجد كبسولات وحبوب أيضاً والحبوب هي الأكثر استخداماً.
- يتم تحديد الجرعة حسب نتائج الفحوصات وتقدير طبيبك المعالج، ولكن غالباً ما تستدعي الاستجابة أخذ الحديد بكيات كافية (مرة يومياً لمدة شهر نادراً ما تحقق نتائج كافية)، قد تحتاج لتناول الحبوب أكثر من مرة واحدة يومياً ولعدة شهور حسب توجيهات الطبيب.
- عند تناولك لحبوب الحديد يفضل فصلها عن الأدوية الأخرى كمضادات الحموضة ومكملات الكالسيوم لتجنب تعارضهما معاً، ويمكن أخذها مع كأس عصير برتقال لتعزيز الامتصاص.
- أعراض جانبية: قد تسبب الحبوب أعراضاً جانبية كمشاكل في البطن، والإمساك والغثيان وتغير لون البراز، ولكن غالباً ما يمكن تجنب الأعراض عند البدء التدريجي بالدواء، وقد تحتاج إلى تعديل الجرعة حال ظهورها. استشر طبيبك قبل أن توقف تناول الحديد، ليتم إعطائك العلاج المناسب.
حقن الحديد الوريدية:
- وهو العلاج الثانوي لنقص الحديد، الذي يتم إعطائه في حالات خاصة يحددها الطبيب. يقوم الطبيب عادة بتجنب إعطاء الحديد الوريدي لأنه مسبب مهم لحساسية وريدية شديدة، ولا يتم إعطائه عادة إلا في حال الضرورة له.
- إعطاء الحديد الوريدي في حالات نقص الحديد الشديد وعدم الاستجابة للعلاج الفموي، فيتم إعطاء الحديد وريدياً بشكل حقن تعطى خلال 5-30 دقيقة لكل جرعة، فيستغرق إعطاء الجرعة الكاملة عادة عدة ساعات، وفي مكان مخصص (إما الطوارئ أو العيادات المخصصة للحقن الوريدية).
النقاط المستفادة:
- نقص الحديد هو أكثر مسببات فقر الدم شيوعاً، وينتج عادة نتيجة فقدان الجسم للحديد.
- من أكثر أعراض نقص الحديد شيوعاً التعب والإرهاق وشحوب الجلد، وضعف التركيز، لاحقاً تصبح الأعراض أكثر شدة وتسبب ضيق التنفس والخفقان والدوخهة وغيرها من الأعراض.
- يمكن للغذاء المتوازن وتناول أطعمة غنية بالحديد الوقاية من حدوث نقص الحديد.
- علاج نقص الحديد يعتمد بشكل رئيسي على تناول حبوب الحديد، وإعطاء الإبر يعتصر على حالات خاصة يحددها الطبيب.

مقالات ذات صلة: