يمتلك الجسم خطوط دفاعية عديدة لمقاومة الأمراض المعدية، والمخاط الموجود في تجويف الجهاز التنفسي هو أحد خطوط الدفاع الأول ضد الميكروبات. فيتم إفراز هذا المخاط باستمرار لتعلق به الميكروبات.
فإن وجود المخاط هو أمر طبيعي في الجسم. ولكن زيادة كميته مؤشر لوجود مرض ما يقاومه الجسم، وتسمى كثرة كميته بالبلغم. فما هو ؟ وما أسباب كثرته؟ وكيف يمكن تخفيفه؟
ما هو البلغم؟
هو مادة لزجة مؤلفة من الماء وبروتين الميوسين mucin ، الذي يمنحه اللزوجة. وهو يحتوي على مواد إضافية مثل بعض الإنزيمات وأجسام الضد وغيرها.
يتم إفراز البلغم عادة من الخلايا المبطنة لتجاويف الجسم، وفي حالة إفرازه بالكمية الطبيعية يقوم بوظيفة الحماية والترطيب لتجاويف الجسم خصوصاً في الجهاز التنفسي.
متى يزداد إفراز البلغم وماذا يحدث في الجهاز التنفسي؟
كمية البلغم الطبيعية تسمى مخاط ويتم طرحها للخارج عادةً بما يعلق بها من مهيجات وميكروبات، ويتم ذلك بمساعدة تراكيب موجودة على أسطح الخلايا تعرف بالأهداب.
عند الإصابة بالأمراض كالعدوى أو أمراض الجهاز التنفسي المزمنة يحدث التهاب ويزداد إفراز المخاط، وقد يسبب تراكمه تضيقاً في مجرى الهواء، لذلك يحاول الجسم إخراجه بالسعال وفي هذه الحالة يسمى بلغماً.
هل هناك أنواع للبلغم؟
للبلغم أنواع تختلف بينها في خصائص اللون والرائحة والتركيب، وقد تساعد دراسة هذه الخصائص الطبيب في عمل تشخيص أولي. يتم تأكيد التشخيص بإجراء فحوصات تخشيصية (مثل صورة أشعة الصدر في حالات التهاب الرئة).
ومن أكثر الطرق شيوعاً هي بتصنيفه حسب لونه، حيث يختلف اللون باختلاف المسبب، ونلخصها كالتالي:
- الشفاف أو الأبيض: غالباً لا يترافق مع حالات مرضية خطيرة، فيحدث في التحسس والإصابة بالفيروسات، لكنه قد يترافق أحياناً مع التحسس الرئوي (الربو) أو التعرض للمهيجات الرئوية (مثل الدخان).
- الأصفر والأخضر: يدل على محاربة الجسم لعدوى ميكروبية كالبكتيريا وقد يتغير اللون من الأصفر للأخضر خلال المرض حسب الالتهاب وشدته. قد يبقى لون المخاط مصفراً بعد الشفاء من العدوى لحين عودة الجسم لوضعه الطبيعي.
- االبني: وهو يدل على وجود الدم القديم القديم، وهو مؤشر على وجود مرض رئوي مزمن، وقد يحدث لدى المدخنين أحياناً.
- الرمادي: يشاهد في العاملين بالقطاعات الصناعية والمحاجر والمحارق أحياناً نتيجة استنشاق مواد المتطايرة في مكان العمل.
ماذا عن البلغم المصحوب بالدم؟
وجود دم في البلغم علامة مهمة التي لا ينصح إهمالها. فهي غالباً مؤشر لوجود مرض مهم. تختلف درجة خظورة المرض بطبيعة الدم الموجود. وتتخلص كالتالي:
- الدم لامع: فهو من العلامات على وجود نزيف رئوي.
- اللون وردي فاتح: فقد يدل على إجهاد في عمل القلب، ومؤشر بأن الرئتين تأثرت بضعف أداء القلب (السوائل على الرئتين).
- الدم الأحمر الداكن: فأسبابه متعددة ومنها أسباب بسيطة كالتهاب القصبات أو أسباب أكثر خطورة مثل سرطان الرئة.
بشكل عام، وجود الدم مع البلغم من العلامات على وجود مرض مهم، وينصح بمراجعة الطبيب بشكل عاجل. وتزداد خطورة الحالة بازدياد كمية الدم الموجودة، فإن الحالات التي تكون مصحوبة بكمية كبيرة (أو دم لامع) تستدعي التقييم في الطوارئ.
ما أسباب كثرة البلغم؟
تتعد مسببات زيادة كمية البلغم، فمن الشائع أن يكون مصدره من الرئتين ويكون السبب مشكلة بالرئتين (مثل التهاب الرئة). أوممكن أن يكون مصدره من المجاري التنفسية العليا (مثل الجيوب أو التحسس الأنفي).
سنذكر لك ما هي أهم أسباب البلغم:
التهابات الجهاز التنفسي
عندما تصيب الالتهابات الجرثومية الرئتين (كالبكتيريا)، فإن الرئة تحاول مقاومة الالتهاب وذلك بزيادة إفراز المخاط فيها. فالمخاط يعمل كلاصق للجراثيم، فيحد من انتشار البكتيريا ويساعد في التخلص من الجراثيم، فالكحة تطرح المخاط والجراثيم العالقة إلى الخارج.
اختلاط المخاط بالبكتيريا يؤدي إلى تغيير لون المخاط، فيصبح بلون أصفر أو أخضر (يشبه لون العمل)، وفي بعض الحالات يكون بلون صداء الحديد.
الحساسية
وهو ينتج بفعل فرط استجاب المناعة للمهيجات (كالغبار أوالدخان)، ويعود ذلك لإفراز الخلايا المناعية لمادة الهيستامين، التي تعمل على زيادة إفرازات الجسم كالمخاط أو الدموع.
البلغم التحسسي يكون بدون لون أو أبيض، وذلك لأنه ناتج عن زيادة كمية البلغم ولا يحدث تغيير على تركيبته.
الأمراض التنفسية الفيروسية
السيلان وزيادة المخاط من العلامات الشائعة للالتهابات التنفسية الفيروسية، وغالباً ما يكون المخاط بلون أبيض أو حتى شفاف يشبه الماء. وعند تحسن الالتهاب الفيروسي، تقل كميته بشكل تدريجي ويصبح أكثر سماكة.
أمراض القلب والبلغم
عند حصول اختلال في الدورة الدموية تختل العملية التنفسية كذلك ويؤدي ذلك إلى حصول تغيرات مرضية في الجهاز التنفسي تحفز إفراز المخاط والسعال.
فعندما يشتكي مريض القلب من علامات احتباس السوائل في الجسم (كضيق النفس عند الاستلقاء والسعال مع بلغم)، فيكون البلغم بلون زهري فاتح وقوام رغوي، وهي علامة على وصول السوائل إلى الرئتين. وغالباً ما تستدعي القدوم إلى المستشفى للتخلص من السوائل الزائدة.
الأورام والسرطانات هل تسبب بلغماً؟
إصابة أي جزء من المجرى التنفسي بورم سرطاني، يمكن أن يسبب البلغم. فيظهر دم داكن في البلغم وقد يكون لونه أسوداً.
تغيير اللون هو بسبب وجود الدم مع المخاط. فإن الورم السرطاني عادة ما يكون غني بالأوعية الدموية وهي ضعيفة البنية ومعرضة لحدوث النزيف فيها.
السعال المزمن والبلغم
في الأمراض الرئوية المزمنة كالربو والتهاب القصبات المزمن، تتغير بنية المجرى التنفسي ويزداد إفراز المخاط من الخلايا المبطنة، فينشأ السعال بفعل هذه التغيرات ويحاول تصريف المخاط المتراكم.
في الربو يمكن للون البلغم أن يكون أبيضاً وفي التهاب القصبات قد يكون بنياً وهذا يدل على وجود دم قديم فيه.
ماذا عن التدخين؟
من المعروف أن الدخان من المواد المهيجة للجهاز التنفسي والتعرض له بشكل مزمن يسبب سعالاً مزمناً ويكون بالغالب مع بلغم.
يجب أن ننسى بأن المدخنون معرضون لحدوث سرطانات الرئة أكثر من غيرهم، لذلك يجب الانتباه لوجود أي تغييرات على البلغم (مثل تغيير لونه عن المعتاد أو وجود الدم)، ومراجعة الطبيب للتأكد من عدم وجود السرطان.
كيف يمكن التخلص من البلغم؟
لمعالجة هذه المشكلة يجب أولاً تحديد المسبب. ليقوم الطبيب عندها بتشخيص الحالة وإعطاء العلاج المناسب.
مثلاً في حالات العدوى يتم استعمال المضادات الحيوية.
يجب مراجعة الطبيب في الحالات التالية:
- كان لون البلغم غير الأبيض
- ترافق البلغم مع أعراض أخرى مثل ضيق التنفس أو ارتفاع الحرارة.
- ظهور مع دم إما لون بني أو أحمر
- أي بلغم لا يتحسن بعد مرور أسبوع
- بلغم متكرر ومجهول السبب
هل هناك أدوية تعمل على تقليل البلغم؟
تتوافر العديد من الأدوية الممكن وصفها للمريض حسب حالته لتخفيف البلغم وفيما يلي ذكر لأهمها:
- الأدوية المقشعة: تصرف هذه الأدوية في حالة السعال الرطب وتعمل على تقليل كثافة البلغم وتحفيز السعال لطرده خارج الجهاز التنفسي. من أشهر هذه الأدوية دواء الجوافينسين Guaifenesin أو دواء ميكوسالفان Mucosolvan.
- مضادات الاحتقان: تساعد هذه الأدوية في طرح البلغم وتتوافر على شكل حبوب أو بخاخات أنفية مثل الأتروفين، وتوصف حسب شدة الحالة. يجب تجنب تناول هذه الأدوية لمرضى الضغطأو القلب. بالنسبة للبخاخات يفضل عدم استعمالها لأكثر من 5 أيام لأن استعمالها لفترات طويلة يؤدي إلى حدوث احتقان مجدداً.
- أدوية السعال بالمستخلصات العشبية: تفيد بعض الأعشاب في معالجة البلغم وتتوافر شرابات للسعال بمستحضرات عشبية في الصيدليات.
- مضادات للهيستامين: قد تساعد في طرد البلغم الحاصل في التحسس بفعل فرط استجابة المناعة. يجب الحذر عند استعمال مضادات الهيستامين فبعضها قد يعمل على تجفيف البلغم ويصبح التخلص منه صعباً، لذلك يجب استشارة المختص قبل استعمالها، فهي تستخدم في حالات خاصة.
هل هناك طرق طبيعية لعلاج البلغم؟
يمكن استعمال بعض العلاجات الطبيعية التي تسهم بالتخلص من البلغم من خلال ترطيبه وتقليل كثافته وبالتالي تسهيل طرحه ومنها:
- الأعشاب: للعديد من الأعشاب خصائص ملينة ومهيجة للسعال تسهم في طرح البلغم، ومن أهمها الزعتر وإكليل الجبل والزنجبيل و الاكاينيسيا Echinacea ، ويساعد شرب كوب عشبي ساخن في تلين المخاط وقد تستعمل بعضها أيضاً كتبخيرة.
- استعمال البخاخات الأنفية الملحية: تساعد هذه البخاخات على تلطيف البلغم الموجود في الأنف وتلينه مما يسهمل طرحه إلى الخارج. تتوفر هذه البخاخات كأدوية تباع في الصيدليات أو يمكن تحضيرها بالمنزل، عن طريق إذابة الملح في كوب من الماء.
- العسل: من المعروف أن العسل ملين ومهدئ وهو يستعمل في حالات السعال، فقد يساعد في التخلص من السعال والبلغم. ويجب التنبيه بأنه لا يعطى للأطفال تحت عمر السنة لما له من آثار على هذه الفئة من الأطفال.
هل هناك نصائح أخرى للتعامل مع البلغم؟
التعامل مع السبب هو أمر مهم للوقاية من حدوث البلغم ومنع تكرار حدوثه بالمستقبل. وما يلي طرق سيساعد في الوقاية من تكرار حدوثه، وهي كالتالي:
– شرب الماء بكمايات كافية.
– التوقف عن التدخين (للمدخنين).
– الابتعاد عن المهيجات (كالدخان أو الغبار أو الروائح القوية)
– استخدام فلتر هوائي للمكيفات والتأكد من تبديلها بشكل دوري.
– التأكد من بيئة المنزل والتهوية الجيدة لها.
ولكن قد تحتاج إلى إغلاق الشبابيك المنزل في موسم الربيع، لمنع دخول اللقاح الربيعي لمرضى الحساسية.
أسباب البلغم الأكثر شيوعاً هي اللاتهابات الفيروسية البسيطة وغالباً ما يختفي البلغم بشكل تدريجي مع زوال المسبب. يمكن التعامل معها بالطرق الطبيعية كالأعشاب أو باستخدام الأدوية المقشعة. ولكن في حال استمرار وجود البلغم، ننصحك بمراجعة طبيب الصدرية للكشف عن المسبب وتلقي العلاج المناسب لها.