يتعرض جسم الأنسان للعديد من العوامل التي تسبب تزايد في حاجة الخلايا للأكسجين والغذاء، يتطلب ذلك من القلب أن يعمل بفاعلية أكبر، وعلى المدى الطويل يسبب ذلك تضخم في عضلة القلب. سنوضح لك ما هو تضخم القلب، وأسباب حدوثه وكيفية التعامل معه.
تعريف تضخم عضلة القلب وكيفية حدوثه
عند تزياد احتياجات الجسم للدم المحمل بالأكسجين والغذاء، يزيد الضغط على القلب فيعمل على زيادة ضخ الدم. مع مرور الوقت، يتكيف القلب مع هذه الضغوطات بأنه يزيد من سماكة عضلته، فيساعده ذلك على ضخ الدم بفاعلية أكبر.
التضخم يحدث نتيجة تغييرات تصيب خلايا القلب. فيحدث ازدياد في كتلة الخلايا العضلية في القلب،
لا يحدث انقسام في خلايا القلب، أي أن خلايا تكبر وتتمدد دون تزايد في عددها. تضخم عضلة القلب يشبه ذلك التضخم الذي يحدث في العضلات الهيكلية عند تمرينها.
مسببات تضخم عضلة القلب
استجابة طبيعية
قد ينجم تضخم في عضلة القلب كاستجابة طبيعية في الحالات التالية:
١. الحمل:
في حالة الحمل حيث تزداد الحاجة لضخ الدم خلال الحمل ويكون التضخم مؤقت، أي أن القلب يعود عادة لحجمه الطبيعي بعد الولادة.
٢. الرياضيين:
تضخم عضلة القلب في الرياضيين المحترفين ممن يمارسون رياضات التحمل التنافسية كالركض وقيادة الدرجات ويحدث لديهم تضخم في البطين الأيسر مع زيادة سعته وذلك لحاجة الخلايا للأكسجين أثناء ممارسة التدريبات ويمكن أن يتضخم القلب لديهم بنسبة ٤٠٪.
أسباب مرضية
أما في حالات أخرى فيرافق هذا التضخم بمشكلات صحية وينتج عن:
-
ارتفاع ضغط الدم:
وذلك لأن ارتفاع ضغط الدم في الدورة الدموية، يزيد من مقاومة الدورة الدموية للقلب، وبالتالي زيادة العبء على عضلة القلب.
-
اضطراب عمل القلب:
أي مشكلة مرضية تؤدي إلى زيادة العبء على القلب (العبء هو ناتج عن زيادة حجم الدم الذي يدخل إلى حجرات القلب لضخه)، فمثلاً في حال قصور صمامات القلب وعدم انغلاقها بالشكل المطلوب، يؤدي إلى عدم إفراغ الدم من الحجرات بشكل كلي وزيادة العبء عليها.
لمعرفة المزيد عن أجزاء القلب، اقرأ المقال (من ماذا يتكون القلب).
الحالات المرضية لتضخم القلب:
كما ذكرنا سابقاً قد يكون التضخم استجابة طبيعية أو حالة مرضية وفي حال حدوثه كحالة مرضية فإن المسبب قد يكون لعامل مكتسب كارتفاع ضغط الدم أو قد يكون جوهرياً، أي موجوداً في جينات الشخص وينتقل وراثياً.
يمكن لأي من حجرات القلب التضخم كاستجابة لأمراض معينة تصيب القلب والجهاز الدوراني. يمكن حصول تضخم في:
- الأذين، وغالباً ما يعكس ذلك مشكلة عمل أحد صمامات الدم، فيزيد حجم الدم داخله.
- البطين، وهو في أغلب الأحيان يكون مصطلح التضخم مرافقاً لحدوث تضخم في البطين الأيسر أو الأيمن.
يمكن أيضاً تقسيم التضخم حسب الجهة التي تصيب القلب وغالباً ما تكون الجهة الأكثر تأثراً هي الجهة اليسرى وتحديداً البطين الأيسر. أما البطين الأيمن فإما أن يحصل التضخم فيه نتيجة لحدوثه في الجهة اليسرى أو بفعل مشاكل رئوية تأثر على ضغط الدم وجريانه.
وفيما يلي استعراض لبعض أمراض تضخم القلب البطيني:
-
تضخم البطين الأيسر أو التضخم المصاحب لضغط الدم hypertensive hypertrophy
عند حدوث ارتفاع ضغط في الدم بشكل مزمن يصعب على القلب ضخ الدم إلى الدورة الدموية بفعل المقاومة التي تحدث في الشرايين، هذا يؤدي إلى تضخم البطين الأيسر المسؤول عن دفع الدم نحو الشريان الأبهري.
وقد يحدث التضخم أيضاً مع أمراض أخرى غير ارتفاع ضغط الدم، ممكن أن يحدث التضخم نتجية نقص تروية القلب أو احتشاء عضلة القلب أو الفشل القلبي أو أمراض صمامات القلب. إضافةً إلى أنه يمكن أن تسبب السمنة والسكري به أيضاً لما لهما من أضرار على الأوعية الدموية.
-
تضخم البطين الأيمن right ventricular hypertrophy
يحدث التضخم في جهة القلب اليمنى وقد ينجم عن أي حالة تسبب مشاكل في الدورة الدموية الصغرى (دورة الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين)، كارتفاع ضغط الدم الرئوي أو أمراض الرئة المزمنة التي تسبب ارتفاع الضغط الرئوي.
أو ممكن حتى حدوث ارتفاع ضغط رئوي نتيجة لأمراض في جهة القلب اليسرى، فتسبب بتراكم الدم من الجهة اليمنى وحتى الجهة اليسرى. ويمكن أيضاً أن تنتج عن أمراض صمامات القلب في الجهة اليمنى وهما الصمام الرئوي والصمام ثلاثي الشرفات.
-
اعتلال عضلة القلب التضخمي hypertrophic cardiomyopathy
وهو من الاعتلالات النادرة وتحدث نصف حالتها بسبب عوامل جينية. وتحدث أكثر في الرجال. تتسبب هذه الحالة بتضخم في عضلة القلب وتعتبر من المسببات الرئيسة للوفيات في سن الشباب والصغار ويمكن أن يتم تشخيصها لدى الرياضيين. سبب الوفاة هو زيادة نسب التسارع البطيني في هذه المرضى.
لهذا المرض حالات متعددة وأشهرها اعتلال عضلة القلب التضخمي الانسدادي والذي يحصل عند ازدياد حجم الحاجز الفاصل بين البطين الأيسر والأيمن. ويكون هذا التضخم شديداً مما يكون يعيق عملية ضخ الدم، ويسبب انسداد جزئي لمجرى الدم من البطين إلى الشريان الأبهري.
أعراض أمراض تضخم عضلة القلب:
تضخم القلب لا يسبب عادة أي أعراض، ويتم اكتشافه بالصدفة عند إجراء فحوصات القلب. وظهور الأعراض عادة من العلامات أن المرض أصبح في مراحل متأخرة.
مضاعفات أمراض تضخم القلب
عند زيادة سماكة الحجرات المتضخمة في القلب تزداد معها حاجته للأكسجين مما قد يسبب مشاكل تروية في القلب. فمن المضاعفات هو حدوث ذبحة صدرية وصعوبة في التنفس مرافقة للتمرين والجهد. قد تتسبب الحالة أيضاً بأنواع خطيرة من عدم انتظام ضربات القلب مثل رجفان البطين أو تسارع البطين. وبعض من الحالات تكون هذه الاضطرابات شديدة تعرض حياة المريض للخطر.
أما في حالة تضخم البطين الأيمن، فقد يحدث تباطؤ في ضربات القلب وتوسع في الشريان الرئوي وقد يسبب أيضاً ألم الذبحة الصدرية أثناء الجهد وازرقاق. إضافة إلى حدوث تجمع للسوائل في القدمين واحتقان في الكبد في الحالات الشديدة يرافقه ألم في الجهة اليمنى العلوية للبطن ويفقد المريض شهيته.
تشخيص تضخم عضلة القلب
يمكن للتشخيص المبكر لاعتلالات تضخم القلب توفير الكثير من العبء على المريض، حيث يمكن وقف تطور الحالة قبل حدوث المضاعفات. ولكن القيام بذلك صعب حيث يمكن للتضخم أن يحصل دون ظهور أي أعراض لسنوات.
يمكن تشخيص التضخم وتحديد البطين المصاب عبر استعمال مجموعة من الفحوصات القلبية وتتضمن:
- التاريخ المرضي والفحص السريري: ولهما دور يساعد في الكشف عن مشاكل القلب ولكن يصعب عن تحديد وجود مشاكل تضخم اعتماداً على الفحص السريري.
- فحوصات القلب الأساسية: يمكن تشخيص الحالة قبل ظهور أعراضها وتحديد البطين المصاب عبر استعمال تخطيط القلب، الذي يظهر بارتفاع الإشارة الكهربائية على التخطيط. إضافة إلى تصوير القلب التلفزيوني وهو الفحص الأكثر دقة حيث يعطي صور للقلب تبين وجود أي تغير في عضلة القلب.
- في حالات نادرة يتم استعمال القسطرة القلبية للتشخيص أو ويمكن أيضاً عمل تصوير بالرنين المغناطيسي للقلب.
علاج تضخم عضلة القلب
علاج المسبب
يعتمد علاج التضخم على علاج المسبب له ويهدف إلى تحسين مخرجات القلب وتقليل الضغط على جدار الحجرة المتضخمة. مثلأ يعالج مرضى ارتفاع ضغط الدم بإعطاء أدوية خافضة للضغط، فيساعد من تخفيف العبء عن القلب ومنع تطور الحالة.
علاجات القلب
الحالات التي يكون تأثير التضخم سبب في ضعف عضلة القلب، يتم إعطاء أدوية تساعد على تقوية القلب والتحسين من أداءه، وتتضمن أي من العلاجات التالية:
- أدوية مضادات بيتا Beta-blockers
- أدوية مثبطة إنزيم إيس ACE inhibitors
- حاصرات قنوات الكالسيوم Calcium channel blockers
علاجات خاصة بنوع التضخم
بعض أنواع التضخم يتم علاجها بطريقة مختلفة وذلك بسبب اختلاف طبيعة المرض، فإن مرض اعتلال القلب التضخمي والانسدادي يعالج على النحو التالي:
- علاج دوائي: ويتم إعطاء أدوية معينة وتجنب أدوية قلب معينة، مما يساعد على تخفيف من الانسداد الحاصل.
- علاج والوقاية من التسارع: ويكمن أن يتم بإعطاء أدوية خاصة للوقاية من التسارع أو ممكن أن تستدعي وضع جهاز خاص لعلاج التسارع. أو حتى ممكن إجراء عملية متخصصة على الجزء المتضخم، فيتم حقن الكحول داخل عضلة القلب، مما يساعد على موت الجزء المريض وضمور حجمها.
الوقاية من تضخم عضلة القلب
أهم جزء من الوقاية هو موجه لمرضى ارتفاع ضغط الدم المزمن، فإن الارتفاع المزمن تأثيرات مهمة على القلب، فإن مراقبة الضغط والمتابعة مع الطبيب حال ارتفاعه أمر مهم لتجنب من تاثيراته على القلب ومضاعفاته على أعضاء الجسم الأخرى.
اما على الشباب الذي ينون على ممارسة الرياضة بشكل دوري خاصة الرياضة الاحترافية، فينصح بإجراء الفحص الطبي للقلب، وذلك مهم للكشف عن تضخم القلب الوراثي ومنع حدوث المضاعفات الخطيرة مستقبلاً.
أخيراً، حالة تضخم القلب قد تحدث بشكل طبيعي أو مرضي وهي محبذا عند حدوثها بفعل رياضات التحمل. أما الحالات المرضية فمن الصعب اكتشافها بسبب عدم وجود الأعراض وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة. لذا يجب على الأشخاص المعرضين للإصابة بها بسبب تاريخ مرضي أو عائلي مراجعة الطبيب بشكل مبكر، لتجنب حدوث المضاعفات.
لمعرفة المزيد عن الوقاية من أمراض القلب، اقرأ المقال (الوقاية من أمراض القلب).
مقالات ذات صلة:
ضعف عضلة القلب، كل ما يجب أن يعرفه مريض القلب